الأحد، 23 سبتمبر 2012

أجــــلال الحـــكــومـــة !!



أسدت لي جدتي يوما ما وصية بطريقتها الفطرية تقول وكأنها تتوعدني ( لا يغرك أجلال الحكومة .. يجي يوم و ينخرط من ظهرك ! ) لم أكن حينها افهم معنى مفردة اجلال و لا ادري ماهي علاقته بالظهر لأن البيئة الاجتماعية الحضرية التي نشأت و ترعرت بها لم تكن تتداول مثل هذه المفردة او ما يشابهها رغم اني من اصول ريفية عميقة , و لمن لا يعرف معنى المفردة اقول ان الجلال هو قطعة قماش بالية توضع على ظهر الخيل والحمير و الدواب لحمايتها من الحمولة او من الظروف الجوية القاسية ..! قالتها جدتي عندما رأتني مرتديا بزة ( الطلائع ) و ممسكا بعصا الوّح بها على رؤوس اولاد الجيران الصغار يملاني شعور بالفخر و الزهو لأني وضعت اول قدم على طريق حيازة القوة الغاشمة ..! شعور فطري كان يمكن ان يستحكم لو لم تكن الجدة بالمرصاد , تذكرت جدتي و نصيحتها عندما شاهدت سلوك الذين تقلدوا مناصب مهمة فراحوا يوظفونها لقهر الاخرين دون اعتبار للأمانة و المسؤولية القانونية و الاخلاقية فضلا عن استغلالهم المناصب لمصالح شخصية ضيقة , قصص مختلفة تحكى هنا و هناك عن حالات كثيرة للاستغلال الوظيفي بأشكال و انواع مختلفة و لا فرق بين مسؤول كبير و آخر صغير و لا فرق ايضا بين القهر لتمرير قرارات ادارية غير صحيحة او لتثبيت ارادة سياسية عنوة او لتمرير صفقات لمشاريع و مقاولات بملايين الدنانير لشركة انشأت حديثا للمسؤول باسم شخص اخر أو لمن يدفع له تحت الطاولة ... مثل هذه الممارسات و تلك لا يمكن القضاء عليها عندما تترك القضية لأخلاق الناس و ضمائرهم فننتظر ان يصحوا يوما ما و يعودوا الى رشدهم و يتجنبوا استغلال المنصب الوظيفي ما لم يوضع نظام يضبط سير المجتمع وله القدرة على وقف التجاوزات المستمرة على القانون و القيم الاخلاقية الوظيفية .. نظام له القدرة على ( خرط الجلال ) بكل سهوله دون ان تدخل العملية في حسابات توزيع القوة النفوذ للأحزاب و الجهات الحاكمة .. نظام لا يسمح بأن ينفرد فصيل او فصيلين في بناء مؤسسات الدولة المختلفة فتستباح لمصالحهما فتفقد هذه المؤسسات فاعليتها وقوتها المستمدة من قوة القوانين فتنمو قوة غاشمة لهذا الحزب أو ذاك على حساب قوة الدولة  بعد ان تكون القاعدة الرئيسية في توزيع المناصب و المسؤوليات هي القوة النسبية للأحزاب بدلا من اعتماد معايير الكفاءة و المهنية و النزاهة و الوطنية . لقد فسح هذا الواقع السيء المجال واسعا امام الكثير من عناصر الفصائل المستأثرة بمراكز القرار للعب دور ( الطلائعي ) الذي مارسته على اصدقائي الصغار لفترة قصيرة  قبل ان تقضي عليه قراءة جدتي الواقعية لحقيقة استعارة السلطة لوهلة من الزمن فتسببوا في زعزعة ثقة المواطن  بمؤسسات الدولة بشكل عام لأن المسؤول عن تطبيق القانون قد اصبح فوق القانون نفسه منطلقا في افساده من برنامج سياسي موبوء ملقيا بكل تبعاته السلبية على المجتمع دون ان تكون لهم جدة تذكرهم باستمرار بانهم مجرد موظفين مستخدمين لتقديم الخدمة العامة و ان عناوينهم التي حصلوا عليها ليست سوى استعارة مؤقتة سيتخلون عنها عند اي تغيير في قواعد اللعبة السياسية ..

فــــاهــم ســــوادي

هناك تعليق واحد:

  1. احسنت استاذنا العزيز انك تذكرت نصيحة جدتك ...ولكن هؤلاء الابالسة طالما نصحناهم وذكرناهم ان الاربع سنوات لابد ان تنتهي ..فماذا انتم فاعلون ؟؟

    ردحذف