الأحد، 23 سبتمبر 2012

أجــــلال الحـــكــومـــة !!



أسدت لي جدتي يوما ما وصية بطريقتها الفطرية تقول وكأنها تتوعدني ( لا يغرك أجلال الحكومة .. يجي يوم و ينخرط من ظهرك ! ) لم أكن حينها افهم معنى مفردة اجلال و لا ادري ماهي علاقته بالظهر لأن البيئة الاجتماعية الحضرية التي نشأت و ترعرت بها لم تكن تتداول مثل هذه المفردة او ما يشابهها رغم اني من اصول ريفية عميقة , و لمن لا يعرف معنى المفردة اقول ان الجلال هو قطعة قماش بالية توضع على ظهر الخيل والحمير و الدواب لحمايتها من الحمولة او من الظروف الجوية القاسية ..! قالتها جدتي عندما رأتني مرتديا بزة ( الطلائع ) و ممسكا بعصا الوّح بها على رؤوس اولاد الجيران الصغار يملاني شعور بالفخر و الزهو لأني وضعت اول قدم على طريق حيازة القوة الغاشمة ..! شعور فطري كان يمكن ان يستحكم لو لم تكن الجدة بالمرصاد , تذكرت جدتي و نصيحتها عندما شاهدت سلوك الذين تقلدوا مناصب مهمة فراحوا يوظفونها لقهر الاخرين دون اعتبار للأمانة و المسؤولية القانونية و الاخلاقية فضلا عن استغلالهم المناصب لمصالح شخصية ضيقة , قصص مختلفة تحكى هنا و هناك عن حالات كثيرة للاستغلال الوظيفي بأشكال و انواع مختلفة و لا فرق بين مسؤول كبير و آخر صغير و لا فرق ايضا بين القهر لتمرير قرارات ادارية غير صحيحة او لتثبيت ارادة سياسية عنوة او لتمرير صفقات لمشاريع و مقاولات بملايين الدنانير لشركة انشأت حديثا للمسؤول باسم شخص اخر أو لمن يدفع له تحت الطاولة ... مثل هذه الممارسات و تلك لا يمكن القضاء عليها عندما تترك القضية لأخلاق الناس و ضمائرهم فننتظر ان يصحوا يوما ما و يعودوا الى رشدهم و يتجنبوا استغلال المنصب الوظيفي ما لم يوضع نظام يضبط سير المجتمع وله القدرة على وقف التجاوزات المستمرة على القانون و القيم الاخلاقية الوظيفية .. نظام له القدرة على ( خرط الجلال ) بكل سهوله دون ان تدخل العملية في حسابات توزيع القوة النفوذ للأحزاب و الجهات الحاكمة .. نظام لا يسمح بأن ينفرد فصيل او فصيلين في بناء مؤسسات الدولة المختلفة فتستباح لمصالحهما فتفقد هذه المؤسسات فاعليتها وقوتها المستمدة من قوة القوانين فتنمو قوة غاشمة لهذا الحزب أو ذاك على حساب قوة الدولة  بعد ان تكون القاعدة الرئيسية في توزيع المناصب و المسؤوليات هي القوة النسبية للأحزاب بدلا من اعتماد معايير الكفاءة و المهنية و النزاهة و الوطنية . لقد فسح هذا الواقع السيء المجال واسعا امام الكثير من عناصر الفصائل المستأثرة بمراكز القرار للعب دور ( الطلائعي ) الذي مارسته على اصدقائي الصغار لفترة قصيرة  قبل ان تقضي عليه قراءة جدتي الواقعية لحقيقة استعارة السلطة لوهلة من الزمن فتسببوا في زعزعة ثقة المواطن  بمؤسسات الدولة بشكل عام لأن المسؤول عن تطبيق القانون قد اصبح فوق القانون نفسه منطلقا في افساده من برنامج سياسي موبوء ملقيا بكل تبعاته السلبية على المجتمع دون ان تكون لهم جدة تذكرهم باستمرار بانهم مجرد موظفين مستخدمين لتقديم الخدمة العامة و ان عناوينهم التي حصلوا عليها ليست سوى استعارة مؤقتة سيتخلون عنها عند اي تغيير في قواعد اللعبة السياسية ..

فــــاهــم ســــوادي

الخميس، 20 سبتمبر 2012

الــعـــراق الــــى أيــــــن .. ؟

 لم يعد فشل الحكومة العراقية وعجزها في تحقيق ادنى مستويات الاصلاح الاقتصادي والسياسي والامني يخفى على كل ذي لب داخل البلاد بل صار محل إجماع المنظمات والهيئات الدولية المهتمة بمختلف الشؤون العراقية , واقع الحا
ل يؤشر استمرار الحكومة في سياساتها الفاشلة وعدم جديتها في تطبيق إصلاحات من شأنها تحسين اوضاع الشعب و تخفيف معاناته المستمرة بل العكس من ذلك حيث تتجه الأوضاع إلى المزيد من التدهور ، الخطوط البيانية للفساد المالي والاداري لازالت تؤشر ارتفاعا مستمرا و غلاء المعيشة ينهك المواطنين و الخدمات في تراجع والبطالة في تضخم مستمر و الامراض الاجتماعية المصاحبة لها في تتفاقم بشكل مطّرد حيث ارتفاع نسب تعاطي المخدرات و حبوب الهلوسة بين الشباب و زيادة معدلات الجريمة و الجريمة المنظمة و ازدياد حالات الطلاق بشكل مخيف , و( الديمقراطية ) و الحريات المدنية في انحسار , الحريات الاعلامية في تقهقر حيث لازالت تستنشق زفير ديكتاتورية الامس التي اطلت بثياب جديدة فضفاضة .. و فوق هذا كله صراع مهلك للحرث و النسل بين اقطاب ما يعرف بالعملية السياسية التي تمخضت عن مهزلة كبيرة اسمها الانتخابات ... انتخابات بمقاسات مطاطية و قوانين متحركة بين لحظة و اخرى انجبت من رحمها الف معضلة و معضلة ..... الذي حصل هو اصطفافات جديدة وتكوين كتل سياسية كبيرة وفقا لتصانيف و اعتبارات قومية وطائفية ودينية وقد سميت هذه الكتل بالمتنفذة سرعان ما أحتدم الصراع بينها حول السلطة والمناصب والنفوذ والأموال مع استمرار التدهور في الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية والخدمية و أنتشار ظاهرة الفساد في كل مرافق الدولة ، ثمَ تبلورت الاتجاهات حول مراكز القوى فأصبح نتيجة الخلافات، العمل على أفراغ المؤسسات الدستورية من محتواها والتعامل مع الدستور بصورة انتقائية وتصاعد الصراع السياسي حول شكل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي . صراع يحرق ارض العراق و شعبه يدار بالنيابة عن مصالح قوى دولية و اقليمية اختلفت سياسيا فيما بينها ولكنها اتفقت على ادارة صراعاتها في ارض العراق حيث لا عدالة الا بتوزيع الموت و الخوف على ابنائه من الشمال الى اقصى الجنوب بصورة متساوية ... ولا ضوء في آخر النفق .! فمستقبل العراق يقف اليوم على مفترق طرق جائر .. حيث استفحال و استحكام الازمة السياسية بكل تداعياتها و تكريس مبدأ المحاصصة و الطائفية التي وصلت الى ابسط دائرة في كل مؤسسات الدولة حيث تبدأ الخطوات الاولى بهذا الاتجاه السيئ من تحت قبة البرلمان الذي اصبح معبرا عن ارادة رؤساء الكتل ومصالحهم عوضا عن رغبات الشعب و آماله و تطلعاته ولا امل في فك شفرة المشكلة و تبديد مخاوف الناس بل على العكس من ذلك تماما حيث يجمع كل الفرقاء السياسيين على فكرة واحدة تحول مفوضية الانتخابات الى شركة تتولى جمع اصوات الناخبين و توزيعها وفقا للتفاهمات المسبقة المرتكزة على المحاصصة الطائفية و القومية و الحزبية و الغرض من ذلك واضح و جلي الا وهو الرغبة الجامحة في البقاء على قمة المسؤولية بكل الطرق الممكنة و حتى لو اقتضى الامر سحق كل القوانين و الانظمة و النصوص الدستورية التي شرعت من اجل تنظيم الحياة السياسية في العراق دون أي تدخل ايجابي من الجهات القضائية المختصة لأن القانون اصيب بالشلل ايضا و غدى اسيرا لإرادة سياسية متوحشة تريد التهام الجمل بما حمل .. لقد ادخلوا مفوضية الانتخابات في فرن المحاصصة الطائفية و القومية المقيتة ليقتلوا أي حلم في الخلاص من المحاصصة بعد قرروا زيادة عدد اعضائها من 9 الى 15 تلبية لمطالب الاطراف التي لم تجد من يمثل مصالحها السياسية داخل المفوضية بدلا من العمل على ضمان استقلاليتها !! وعبثا نحاول التصديق بإمكانية حصول تغيير ايجابي عبر نافذة الانتخابات التي تديرها و تشرف عليها المفوضية وسأقول جازما بان الوجوه و العناوين التي فازت في الانتخابات السابقة هي نفسها ستكون حاضرة مرة اخرى في الفترة القادمة ما دامت الديمقراطية المزعومة تهان بشكل يومي من قبل البرلمان و الكتل السياسية الممثلة فيه .. فأي استخفاف و أي اهانة توجه الى هذه الديمقراطية ونحن نرى و نسمع بأن دعاتها يطالبون بتحقيق التوازن الطائفي في ادارة مفوضية الانتخابات التي يحرصون على تسميتها بالمستقلة ؟! اية كذبة يراد تمريرها لتبرير كل المخالفات القانونية و الدستورية ؟ أن هذا الامر يؤكد بما لا يقبل الشك ان الاحزاب الحاكمة تسعى بقوة لتعزيز مكانتها و وزنها في المرحلة المقبلة من خلال اشراك عناصرها في مجلس المفوضين لتحقيق التفوق على الخصوم و اساءة استخدام الصلاحيات التي يمنحها الدستور لأعضائها ... مستقبل معتم تواجهه العملية السياسية في العراق في ظل سيطرة قوى معينة على اهم حلقة من حلقات تنفيذ اجراءات الديمقراطية خصوصا مع استبعاد عشرات العناصر الكفؤة من ناشطي المجتمع المدني التي تقدمت لشغل مناصب فنية في المفوضية حيث ستسقط صفة الاستقلالية عن المفوضية و ستصبح ملكا لمجموعة متنفذة من احزاب السلطة و ستكون كل معايير الشفافية و النزاهة في مهب الريح وبهذه الالية الجديدة سيتم اقصاء كل القوى الوطنية الساعية لتحقيق التغيير المطلوب لبناء دولة معافاة من امراض الفساد و التبعية و العمالة .. ان التغيير العميق في بنية العملية السياسية بالشكل الذي يحقق نقلة نوعية بمستوى اداء مؤسسات الدولة و يفك ارتباطها نهائيا بالمصالح الحزبية و الفئوية الضيقة لا يمكن ان يتم بدون فهم دقيق لطبيعة المرحلة الراهنة وادراك خطورة الاساليب المتبعة لمصادرة حق المواطن في اختيار من يمثل مصالحه بشكل واقعي و تحديد المواقف العملية منها و رصد انحرافات السلطة على مختلف الاصعدة للحيلولة دون تكرار الاخطاء السابقة و لمنع الوقوع في فخاخ الشعارات و الخطابات الزائفة التي ساهمت في سلب حق المواطن في الاختيار السليم بصورة مباشرة او غير مباشرة من اجل وقف هذه المهزلة المتكررة ...
 
فــــاهـــــــم ســــوادي

الخميس، 13 سبتمبر 2012

بين حانه ومانه ...

بين حانه ومانه .. ضاعت لحانه

في البداية وقبل ننزلق في هاوية الاحلام و التخريفات ونحن نبحث وسط ركام النظم السياسية التي نظّر لها اهل الاختصاص و اشبعوها شرحا و تفصيلا لكي يتعرف الانسان العادي على شكل النظام السياسي الذي يؤ
من له احتياجاته المختلفة لابد ان نقدم تعريفا يتسم بالوضوح الشديد لبيان معنى الدولة المدنية التي حملتها الينا ديمقراطية رجال الكاوبوي و غلمانهم الصغار ثم ننظر بعد ذلك الى واقعنا الاجتماعي و السياسي لنقارن بين ما بين ما تختزنه منظومة حقوق الانسان و المبادئ الاساسية لبناء الدولة المدنية و بين ما يراد تسويقه في المجتمع العراقي من افكار ومفاهيم تكرس نمطا ثقافيا وسياسيا احادي النظرة و السلوك يهدف الى اقصاء الشريك الاخر مهما كانت طريقة تفكيره ما دامت لا تتفق في جوهرها مع نسقه الثقافي او رؤاه السياسية . فقد سيق المجتمع العراقي الذي خرج منهكا من فوهات بنادق و مدافع البعث وزنازينه و معتقلاته باحثا عن بارقة امل جديدة ترسم له ملامح دولة عصرية طالما راودته احلامها الجميلة ليلحق بقطار الحضارة و الرقي الا ان القيود ابت مغادرة معاصمه حين استبدل الجلاد بزته الزيتونية بعباءة و عمة و جلباب ( طال او قصر ) و بضعة خواتم بإصبع واحد !! للإشارة الى عمقه ( الاسلامي ) ولتشعر الانسان العراقي ان النضال ضد الدكتاتورية لا يزال قائما و لكن بعنوان جديد هذه المرة فقد تقمصت دور المصلح الديني و ارتدت جلبابه تارة وتارة اخرى بزة رسمية انيقة يفوق سعرها قيمة من تهافت على ارتدائها مسارعا الى ترك شاربه وذقنه الكث بأقرب حاوية قمامة ليبدو علمانيا حد النخاع حتى اختلط الحابل بالنابل ولم يعد يعرف اي من اي أو كما يقول المثل الشعبي ( بين حانه ومانه ضاعت لحانه ) فكلا البزتين تحملان في مخابئهما السرية الف كذبة وكذبة والف خدعة و خدعة تبعدنا مئات السنين الضوئية عن ابسط تطبيقات الدولة المدنية التي تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والفكر والتي لا يمكن ان تتخلى عن مجموعة من المبادئ الاساسية ينبغي توافرها في الدولة المدنية والتي إن نقص أحدها فلا تتحقق شروطها وأهمها (( أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث أنها تضمن حقوق جميع المواطنين، ومن أهم مبادئ الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر. فهناك دوما سلطة عليا هي سلطة الدولة والتي يلجأ إليها الأفراد عندما يتم انتهاك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك... فالدولة هي التي تطبق القانون وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم , ومن مبادئ الدولة المدنية الثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة، كذلك مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد لا يُعرف بمهنته أو بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات. وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين. حيث أن هذه القيم هي التي تشكل ما يطلق عليه الثقافة المدنية، وهى ثقافة تتأسس على مبدأ الاتفاق ووجود حد أدنى من القواعد يتم اعتبارها خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها )) وبعد ملاحظة هذا القدر البسيط و المقتضب من معايير الدولة المدنية استجمع شيئا من بقايا شجاعتي الفطرية و اسأل السؤال التالي هل ان دعاة الاسلام او العلمانية في العراق امتلكوا قدرا معتدا به من قيم الدولة المدنية في وجدانهم ومارسوا جهد محسوسا لترسيخها ؟؟

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

عذرا ايها السادة .. انهم كبار أيضا



على غرار انفلونزا الطيور تنتشر ثقافة التكبّر و التعالي بين القيادات الادارية العليا لتصيب عددا مهما منها و لأسباب مختلفة تشكل بمجموعها عقبة كؤودا امام  تطور المؤسسة الحكومية و تؤشر فشلا فاضحا في ادارة الموارد البشرية و توجيهها لتنفيذ اهداف المؤسسة   من خلال جعل صغار الموظفين , كما يسميهم البعض , او الموارد البشرية محور لأداء المؤسسة او الادارة مع حصولهم على التقدير لهذه المكانة وتأهيلهم وحثهم على التصرف الفعّال ضمن سياق عمل وظيفي منسجم مع اخلاق وقواعد سلوك العمل الحكومي , حيث تضغط فيروسات المرض على هؤلاء الذين توهموا تميزهم و تفوقهم النوعي على الاخرين من زملائهم في العمل نتيجة امتلاكهم قدرا اكبر من التحصيل الاكاديمي يؤهلهم بشكل طبيعي لتولي مهام و مسؤوليات ادارية اوسع لغرض تنفيذ الاستراتيجيات المرسومة .. و بما ان فكرة الادارة او ابسط تجلياتها تظهر حين يفشل شخص ما في دفع حجر عن مكانه بمفرده فيلجأ الى دفعه أو تحريكه بمساعدة شخص اخر حيث تظهر اولى ملامح التنسيق بين قدرات الافراد الذين تتحد قدراتهم و امكانياتهم البدنية و الفكرية رغم تباينها لتحقيق الهدف .. غير ان المصابين بفايروس التكّبر و التعالي الاجوف ينكرون هذه الحقيقة المهمة متخلّين عن ابسط مقدمات اخلاقيات العمل الوظيفي فينظرون بعين واحدة و يكيلون بمكيال واحد عند تعاملهم مع الاشخاص الادنى في سلم المسؤولية ومتناسين ان كل العاملين في المؤسسة متحدين و متضامنين لإنجاز رسالتها .. أن اطلاق هؤلاء لأوصاف تقلل من مكانة و شخصية الموظفين الادنى في سلم المسؤولية مثل ( اداري زغيرون ) أو حين يقول احدهم بازدراء ( موظف ) في اشارة لإعطائه وصفا وظيفيا و اجتماعيا أقل رتبة مما يتصوره في عقليته الواهمة تكشف في الواقع عن خلل كبير في منظومته الثقافية و الفكرية و تؤشر تراجعا خطيرا في قيم و اخلاقيات العمل الوظيفي يقود نحو تأسيس طبقية مقيتة تترك آثارها السلبية على اداء المؤسسة بشكل عام مما يتطلب تدخل الرؤساء ( من غير المصابين بالفايروس ) لمعالجة حالة الاحباط الوظيفي التي تصيب هؤلاء الموظفين نتيجة شعورهم بالتمييز المجحف خصوصا عندما يصطدم الموظف بمديريه او بغيرهم و يجب عليه دائما أن يكون الخاسر النمطي ! فالمدير دائما على حق  أما الموظف فليس على حق أبدا !! . ان  (البروليتارية ) الوظيفية ستقول كلمتها حتما يوما ما أزاء ما تواجهه من اضطهاد مؤطر بأكاديمية منسلخة عن مبادئها تنظر بفوقية او بادعائها لنفسها مكانة اجتماعية أعلى من مكانة بقية الموظفين و التركيز على ذلك الادعاء باعتباره الخاصية التي تميزهم . لكن هل هم على حق في ادعاء هذه المكانة العالية؟ ما هي الأسس التي يعتمدون عليها في هذا الادعاء ؟ ترى هل بمقدور احدهم تحريك الحجر بمفرده ؟؟ واخيرا نقول لهم قفوا مكانكم ايها السادة و انحنوا رافعين قبّعاتكم لمن تسمونهم صغارا فقد توهمتم حين كلمتم ثيابهم  .. فو الله لو شاءوا لكلموا ثيابكم .. !!

فـــاهــــم ســـــوادي

الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

كل الناس لهم وطن يعيشون فيه الا نحن لنا وطن يعيش فينا ..


للوطن قيمة مادية ومعنوية كبرى .. تسمو لتصل إلى حدود مقدسة أخذت قدسيتها من طبيعة العلاقة بين أفراده ، تلك العلاقة التي تجاوزت حدود الأرض والتراب فدخلت في الوجدان الإنساني ، فجبلت العاطفة بشكل أو بأخر على ضرورة الانتماء إلى وطن بما يحتضن من تراب وتطلعات وقيم ... وقد تتعرض هده الصورة الجميلة إلى ما يمكن أن يصيبها بتشوهات خطيرة حينما يدرك المواطن بأن منظومة القيم أخدت تهتز نتيجة التغرير به من قبل القائمين على إدارة شأنه .... أو أذا انتهكت أحدى ثوابته وعجزت الجهات المعنية عن المحافظة على مواريثه .... أو أذا نهل العدو والغريب من خيرات الوطن مجانا ودفع الشعب الفواتير ...؟ عندها ينشغل أبناءه البررة في معالجة قضاياه وينهمكون في وضع الحلول الناجعة لأعاده رسم الصورة الناصعة لتلك العلاقة المقدسة التي تربط أبناءه ، فتبرز الحاجة إلى البناء السليم لتشييد صرح الوطن وفق أسس عصرية تتجاوز أخطاء الماضي و تتلافى سلبياته فتكون الهواجس منصبة على كيفية تحصيل النجاح في عملية أعادة التأهيل, وفي خضم ذلك , يقفز المفسدون الى صدر المشهد ! فتتعدد الخيارات وتختلف الوسائل و تكثر الشعارات تتنوع الغايات عندها تختلط الأوراق ويبقى البحث عن جادة الخلاص أمرا محفوفا بالمحاذير .. ولكن كيف يمكن إن نختار الوطن من بين هذا و ذاك ...؟ كيف يمكن أن نختار العراق قبل أي عنوان آخر في خضم صراع الجهات المختلفة التي تتفنن في صياغة الشعارات وكيفية أطلاقها ؟ ما هي المعايير التي يمكن إن نعتمدها لبناء دولة عصرية معافاة تصان فيها الحقوق .. وتحترم الحريات ...؟ ما هي الأطر والمحددات التي نسعى لإيجادها كي نجعل جميع أبناء الدولة على حد سواء في الفرص والمكاسب والمسؤوليات ..؟ أسئلة ينبغي التعرف على إجاباتها للنهي عقودا من المعانات والحرمان والألم ... ولنحطم أصفادا ما زالت تدمي أعناقنا وقيودا يطبق بها أعداء العراق على أحاسيسنا ومشاعرنا .. ليسرقوا أمنياتنا .. أحلامنا .. تطلعاتنا .. أسئلة ينبغي أن نتعرف عل إجاباتها بعمق وشمولية لنصنع مستقبلنا ومستقبل أجيالنا بحرية تامة .. لنصون كراماتنا .. لنحفظ ثرواتنا .. لتكون لنا دولة ... إن الخطوة الأولى في مشروع الحل والإصلاح كما أعتقد هي تـأسيس العلاقة بين مكونات المجتمع والدولة على أسس وطنية تتجاوز كل الأطر والعناوين الضيقة ، بحيث يكون الجامع العام لكل هذه التعبيرات والأطياف هو المواطنة التي لا تعني جملة الحقوق والمكاسب المتوخاة ، أنما تعني أيضا جملة الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتق كل مواطن ... فعملية أعادة التأهيل لا يمكن أن تتم ألا بمشاركة جميع أفراد المجتمع ولا تتم إلا بعد أن يندفعوا نحو ممارسة مسؤولياتهم الوطنية لتصحيح الأخطاء وتلافي سلبيات المرحلة السابقة ...لأن مسؤولية الانتماء إلى الوطن تدفع الجميع إلى العمل الدؤوب من أجل سد الثغرات و تلافي  نقاط الضعف والسعي المتواصل لتعزيز الوحدة الوطنية اعتمادا على قاعدة العدل والمسؤولية المشتركة والسعي الدائم لإدامة المكاسب السابقة بأخرى جديدة لتجسيد العلاقة الوجدانية المقدسة بين أبناء الوطن ، لأن الانتماء الوطني يتحول الى شعار للاستهلاك يرفعه المتربصون بخيرات الوطن حينما نغفل عن الإحاطة بحقيقة توجهاتهم ونتغاضى عن أهمية معرفة سلوكياتهم وحقيقة ارتباطاتهم...فعلينا أمعان النظر في كل ما مطروح من برامج وشعارات و مشاريع كي لا تقترف بحقنا جريمة أخرى من خلال إطلاق حملة دعائية لتمرير مشاريع مشبوهة أرتبط دعاتها بما وراء الحدود فكانت برامجهم انعكاسا لسياسات خارجية وأطماع تاريخية فأصبح من اللازم على التواقين لنيل شرف المواطنة والانتماء الى هذا الوطن الاصطفاف خلف الجهات التي تضع العراق هدفا أسمى وغاية كبرى في خضم منافسة أعتاد أبطالها على خوض غمارها بطرق ملتوية وأساليب تبتعد عن أسس التنافس الشريف .فيقتحموا الميدان و يثبتوا لكل العالم .. أن عراق الإسلام والعروبة .. عراق التأريخ والحضارة ... عراق العلم والثقافة ... عراق القيم الإنسانية النبيلة ... سيتألق من جديد .. وليقدموا لكل البشر دروسا في المثابرة والعزم والتصميم ، رغم الصعاب التي تعترض مسيرة الساعين الى تحقيق الإصلاح المنشود والعاملين من اجل بناء وطنهم الذي خربته معاول المحتلين والعملاء والسراق والخونة , من أجل اليتامى و الأرامل .. من أجل المهجرين والمهاجرين .. من أجل الشيوخ الذين احدودبت قاماتهم الباسقة ولا زالوا يكدحون ليؤمنوا لقمة العيش الشريف بعد ان أستحوذ على مكامنها صعاليك و غرباء .. من أجل الأطفال الذين فقدوا البسمة من شفاههم بسبب عنف الأغبياء والجهلة والمرتزقة .. من أجل الأمهات الثكلى .. من أجل شباب الوطن الذين عانوا الاغتراب في الوطن وفي الذات ... من أجل دجلة والفرات .... من أجل عطش النخيل... من أجل كل العراق على المتصدين لهذه المهة أن يعطوا لعملية البناء السياسي والاجتماعي أبعادها الحقيقية وليترجموا التزاماتهم الوطنية و الدينية والاجتماعية الى وقائع سلوكية تسهم بجدية في تنمية قيم الانتماء إلى العراق الجديد..

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

رأيي و رأيك و الرأي الصحيح


رأيي .. و رأيك .. و الرأي الصحيح ..                              
قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)  ما مضمونه .. ما جادلت جاهلا إلا وغلبني وما جادلت عالما الا و غلبته .. نحن وغيرنا نستشهد بهذا القول البليغ دون ان نعي حقيقة معناه و ابعاده فترانا نخوض في اطاره العام موظفين من معانيه كل ما يصب في مصلحة ما نعتقده لأقصاء الرأي الاخر بعد ان نرمي الطرف الاخر بتهمة الجهل للخروج من دائرة التعصب التي اقحمنا بها انفسنا عن قصد أو جهل .. لا اريد ان اقحم نفسي في شرح الحديث بطريقة روزخونية او ملائية و لكن لندخل من خلاله الى معرفة قدرات البعض على مواجهة الرأي الاخر فالمدخل الصحيح لأدارة الحوار مع اي طرف بطريقة عقلائية معتبرة توجب حسن الاستماع و المجادلة و تقبل الرأي الاخر و اتباعه اذا ما ثبتت صحته ثم الاعتراف بتماميته بكل شجاعة اما نقيض ذلك وهو الخطر و الطامة الكبرى فيتمثل في الامتناع نهائيا عن الاستماع الى اراء الاخرين و عدم قبول ارائهم حتى لو ثبتت صحتها و الهروب من حقيقة غلبة الرأي الاخر و محاولة طمسه بكل وسيلة ممكنة وهنا تبرز عقدة التعددية كخاصية متأصلة في عمق البنية الاجتماعية للمجتمع يرجع البعض اسبابها الى  ( الحس القبلي الجماعي، الذي يفترض وحدانية الرأي والموقف ) و المشين في الامر ان غالبية قادة الرأي يعيشون تحت وطأة هذه الخاصية فنرى ان كل واحد منهم يمثل قبيلة بكاملها ازاء الاخرين فنراه يدافع عن رأيه بكل صلافة انطلاقا من تلك النظرة المتعصبة التي تماثل نظرة الافراد القبليين في دفاعهم عن توجهات قبيلتهم ! وهذا ما يبدو واضحا من خلال متابعة الحوارات السياسية في وسائل الاعلام المختلفة حيث يلاحظ ذلك بشكل صارخ وهذا يرجع الى تخلف اخر مصاحب لتلك الخاصية الاجتماعية وهو تخلف النظم السياسية الحاكمة وعدم قدرتها على ترسيخ الفكر الديمقراطي بما يفرضه من تعددية و موالاة و معارضة نتيجة تجذر العقلية القبلية عند قادة الرأي بمختلف مستوياتهم و يبقى الجهل الثقافي و الانغلاق على الذات هو هو الصفات التي يشترك بها هؤلاء منطلقين من خلالها لتهشيم الرأي الاخر فيكفي أن توجه انتقاداً لرأي ما أو لفكرة أو موقف مخالف لرأيك حتى ينقلب صاحبها إلى وحش هائج يريد الغائك نهائيا ! فكيف تتجرأ على النيل من .. قداسة .. فكرته ورأيه ومعتقده ؟ كيف تبلغ بك الوقاحة على التشكيك ولو بجانب من جوانب طرحه ، حتى وإن كان بلا أساس بمجمله؟ وسيان ما تفعل ،فسوف لن تنفعك كل وسائلك الحضارية ومحاولاتك المخلصة لعرض نقدك بشكل موضوعي ومنطقي فهو لن يقبل ابدا بكل ذلك .. ما العمل اذا ؟ ماذا نفعل كي نستطيع البوح بآرائنا في ظل هذا المناخ الجاهلي المتحجر ؟ كيف يمكن ان نقنع اصحاب السماحة و السمو و المعالي و السيادة ووو بأن الغائهم للآخرين يضع اللبنة الاولى للتطرف و يزرع بذور العداوة و البغضاء في النفوس ؟ كيف نشعرهم وهم المهووسين بعقدة التفرد بالسمو الفكري و الاخلاقي على الاخرين بمسؤوليتهم القانونية و الاخلاقية تجاه النمو المخيف للتطرف ؟ كيف نقنعهم بأهمية وقف صناعة الخراب ...؟

فــاهــم ســـوادي