الأربعاء، 9 يناير 2013

أمـــــل

أمــــــــــل
لم يكن يشعر حينها بلذة الحياة , فيومياته مليئة بصخب الدنيا وضجيجها , كانت ابعد نقطة يتطلع اليها هي بلوغه خط النهاية ولا يهم ان حصل على مرتبة متقدمة في مضمارها ام لا فهو يعلم جيدا ان لا مكان للمحرومين عند الشريط .. ! لم يكن يأسا بمعنى الكلمة لكن الصورة المشوهة التي تولدت في واهمته نتيجة تقادم الزمن الممتلئ بفوضى النصوص و ازدحام الامكنة و تشابك الصفات الشخصية وتداخلها حتى عند الشخص الواحد في مدينته التي طالما ارادها فاضلة جعلت منه لا يأبه للنتائج , صورة شوّهت اجمل الاشياء النقية في الحياة و امكنة احرقت كل من يحاول المغامرة لاستراق نظرة عذرية الى ذلك الجمال الأخاذ عبر ممراتها واشخاص مجانين يصرخون بوجهه حين يضع خطواته في محلها او حين يتسرب شيئا من الحلم الجميل خارج اطار روحه الغضة ! .. فوضى قيّدت كل احلامه في بلوغ السعادة وفقا للطريقة التي ترسمها تلك الواهمة التي لم تزل تنجب بلا هوادة صغار احلامها التي سرعان ما تموت او تتقزم عند خروجها الى مضمار الحياة المحتدم بالصراع .. غير ان تلك الواهمة الولود واصرارها العجيب على انتاج الاحلام منحته هذه المرّة جرعة امل كبيرة , جرعة تضخمت حتى استولت على رحم تلك الواهمة فأحكمت سيطرتها على ماكنة تفريخ الاحلام وافرغتها من فوبيا مواجهة الصراع الذي طالما قتل صغارها و حوّل الاخرى الى محض تماثيل صغيرة مهشمة تحت اقدام سادة القوم ذوي العقول الحبلى بزَبد الجاهلية العمياء و غرست بدلا عنها عشبة خضراء ندية , عشبة يراعاها كل يوم في مخيلته , ينظر اليها وهي تتمايل يمينا وشمالا وهي تقاوم رياح الفوضى , ربما تكون تلك العشبة التي وصفها الرازي او ابن البيطار في مخطوطاهم ونصحوا امثاله باقتنائها لتمنحه القوة اللازمة لبلوغ خط النهاية والحصول على مرتبة متقدمة في مضمار الصراع المتجدد , غير ان تلك الجرعة ورغم قابليتها السحرية لم تكن قادرة على منحه امكانية بلوغها فهو لم يزل عاجزا تماما عن الاقتراب منها و لم يكن السبب هذه المرّة ناتجا عن صخب وصراخ المجانين او طلاسم النصوص المتحجرة كمومياء انسان العصور الجليدية القديمة او بسبب تعدد اقنعة المحيطين فقد اعطته تلك الجرعة قدرة خيالية على الفصل بينها و تحديد مساره نحو هدفه بكل ثقة .. لقد كان السبب هذه المرّة يكمن في رغبة العشبة الجميلة الغضة نفسها !! لقد آثرت ان تبقى في تلك الارض القاحلة تصارع الفوضى و تأبى النزوح الى روحه التي تفتقت عن امل يحدوه كل حين في قطع شريط النهاية بتفوق هذه المرة ..!! ما اصعبها من لحظة كادت ان ترديه لو ان مخيلته وعدته برعاية تلك العشبة الجميلة حتى النهاية , فربما ستقتنع يوما بمغادرة مكانها في بوابة الصراع لترافقه الى عمق الحلم ....
فــاهـــم ســـوادي