الخميس، 20 سبتمبر 2012

الــعـــراق الــــى أيــــــن .. ؟

 لم يعد فشل الحكومة العراقية وعجزها في تحقيق ادنى مستويات الاصلاح الاقتصادي والسياسي والامني يخفى على كل ذي لب داخل البلاد بل صار محل إجماع المنظمات والهيئات الدولية المهتمة بمختلف الشؤون العراقية , واقع الحا
ل يؤشر استمرار الحكومة في سياساتها الفاشلة وعدم جديتها في تطبيق إصلاحات من شأنها تحسين اوضاع الشعب و تخفيف معاناته المستمرة بل العكس من ذلك حيث تتجه الأوضاع إلى المزيد من التدهور ، الخطوط البيانية للفساد المالي والاداري لازالت تؤشر ارتفاعا مستمرا و غلاء المعيشة ينهك المواطنين و الخدمات في تراجع والبطالة في تضخم مستمر و الامراض الاجتماعية المصاحبة لها في تتفاقم بشكل مطّرد حيث ارتفاع نسب تعاطي المخدرات و حبوب الهلوسة بين الشباب و زيادة معدلات الجريمة و الجريمة المنظمة و ازدياد حالات الطلاق بشكل مخيف , و( الديمقراطية ) و الحريات المدنية في انحسار , الحريات الاعلامية في تقهقر حيث لازالت تستنشق زفير ديكتاتورية الامس التي اطلت بثياب جديدة فضفاضة .. و فوق هذا كله صراع مهلك للحرث و النسل بين اقطاب ما يعرف بالعملية السياسية التي تمخضت عن مهزلة كبيرة اسمها الانتخابات ... انتخابات بمقاسات مطاطية و قوانين متحركة بين لحظة و اخرى انجبت من رحمها الف معضلة و معضلة ..... الذي حصل هو اصطفافات جديدة وتكوين كتل سياسية كبيرة وفقا لتصانيف و اعتبارات قومية وطائفية ودينية وقد سميت هذه الكتل بالمتنفذة سرعان ما أحتدم الصراع بينها حول السلطة والمناصب والنفوذ والأموال مع استمرار التدهور في الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية والخدمية و أنتشار ظاهرة الفساد في كل مرافق الدولة ، ثمَ تبلورت الاتجاهات حول مراكز القوى فأصبح نتيجة الخلافات، العمل على أفراغ المؤسسات الدستورية من محتواها والتعامل مع الدستور بصورة انتقائية وتصاعد الصراع السياسي حول شكل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي . صراع يحرق ارض العراق و شعبه يدار بالنيابة عن مصالح قوى دولية و اقليمية اختلفت سياسيا فيما بينها ولكنها اتفقت على ادارة صراعاتها في ارض العراق حيث لا عدالة الا بتوزيع الموت و الخوف على ابنائه من الشمال الى اقصى الجنوب بصورة متساوية ... ولا ضوء في آخر النفق .! فمستقبل العراق يقف اليوم على مفترق طرق جائر .. حيث استفحال و استحكام الازمة السياسية بكل تداعياتها و تكريس مبدأ المحاصصة و الطائفية التي وصلت الى ابسط دائرة في كل مؤسسات الدولة حيث تبدأ الخطوات الاولى بهذا الاتجاه السيئ من تحت قبة البرلمان الذي اصبح معبرا عن ارادة رؤساء الكتل ومصالحهم عوضا عن رغبات الشعب و آماله و تطلعاته ولا امل في فك شفرة المشكلة و تبديد مخاوف الناس بل على العكس من ذلك تماما حيث يجمع كل الفرقاء السياسيين على فكرة واحدة تحول مفوضية الانتخابات الى شركة تتولى جمع اصوات الناخبين و توزيعها وفقا للتفاهمات المسبقة المرتكزة على المحاصصة الطائفية و القومية و الحزبية و الغرض من ذلك واضح و جلي الا وهو الرغبة الجامحة في البقاء على قمة المسؤولية بكل الطرق الممكنة و حتى لو اقتضى الامر سحق كل القوانين و الانظمة و النصوص الدستورية التي شرعت من اجل تنظيم الحياة السياسية في العراق دون أي تدخل ايجابي من الجهات القضائية المختصة لأن القانون اصيب بالشلل ايضا و غدى اسيرا لإرادة سياسية متوحشة تريد التهام الجمل بما حمل .. لقد ادخلوا مفوضية الانتخابات في فرن المحاصصة الطائفية و القومية المقيتة ليقتلوا أي حلم في الخلاص من المحاصصة بعد قرروا زيادة عدد اعضائها من 9 الى 15 تلبية لمطالب الاطراف التي لم تجد من يمثل مصالحها السياسية داخل المفوضية بدلا من العمل على ضمان استقلاليتها !! وعبثا نحاول التصديق بإمكانية حصول تغيير ايجابي عبر نافذة الانتخابات التي تديرها و تشرف عليها المفوضية وسأقول جازما بان الوجوه و العناوين التي فازت في الانتخابات السابقة هي نفسها ستكون حاضرة مرة اخرى في الفترة القادمة ما دامت الديمقراطية المزعومة تهان بشكل يومي من قبل البرلمان و الكتل السياسية الممثلة فيه .. فأي استخفاف و أي اهانة توجه الى هذه الديمقراطية ونحن نرى و نسمع بأن دعاتها يطالبون بتحقيق التوازن الطائفي في ادارة مفوضية الانتخابات التي يحرصون على تسميتها بالمستقلة ؟! اية كذبة يراد تمريرها لتبرير كل المخالفات القانونية و الدستورية ؟ أن هذا الامر يؤكد بما لا يقبل الشك ان الاحزاب الحاكمة تسعى بقوة لتعزيز مكانتها و وزنها في المرحلة المقبلة من خلال اشراك عناصرها في مجلس المفوضين لتحقيق التفوق على الخصوم و اساءة استخدام الصلاحيات التي يمنحها الدستور لأعضائها ... مستقبل معتم تواجهه العملية السياسية في العراق في ظل سيطرة قوى معينة على اهم حلقة من حلقات تنفيذ اجراءات الديمقراطية خصوصا مع استبعاد عشرات العناصر الكفؤة من ناشطي المجتمع المدني التي تقدمت لشغل مناصب فنية في المفوضية حيث ستسقط صفة الاستقلالية عن المفوضية و ستصبح ملكا لمجموعة متنفذة من احزاب السلطة و ستكون كل معايير الشفافية و النزاهة في مهب الريح وبهذه الالية الجديدة سيتم اقصاء كل القوى الوطنية الساعية لتحقيق التغيير المطلوب لبناء دولة معافاة من امراض الفساد و التبعية و العمالة .. ان التغيير العميق في بنية العملية السياسية بالشكل الذي يحقق نقلة نوعية بمستوى اداء مؤسسات الدولة و يفك ارتباطها نهائيا بالمصالح الحزبية و الفئوية الضيقة لا يمكن ان يتم بدون فهم دقيق لطبيعة المرحلة الراهنة وادراك خطورة الاساليب المتبعة لمصادرة حق المواطن في اختيار من يمثل مصالحه بشكل واقعي و تحديد المواقف العملية منها و رصد انحرافات السلطة على مختلف الاصعدة للحيلولة دون تكرار الاخطاء السابقة و لمنع الوقوع في فخاخ الشعارات و الخطابات الزائفة التي ساهمت في سلب حق المواطن في الاختيار السليم بصورة مباشرة او غير مباشرة من اجل وقف هذه المهزلة المتكررة ...
 
فــــاهـــــــم ســــوادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق